responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 31  صفحه : 151
أَدْبَرَ
«1» وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ وَلِأَنَّ نِعْمَةَ اللَّهِ بِتَعَاقُبِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَاخْتِلَافِ مَقَادِيرِهِمَا عَلَى الْخَلْقِ عَظِيمَةٌ، فَصَحَّ أَنْ يُقْسِمَ بِهِ لِأَنَّ فِيهِ تنبيها على أن تعاقبهما بتدبيره مُدَبِّرٍ حَكِيمٍ عَالِمٍ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هي ليلة المزدلفة فقوله: إِذا يَسْرِ أَيْ إِذَا يُسَارُ فِيهِ كَمَا يُقَالُ: لَيْلٌ نَائِمٌ لِوُقُوعِ النَّوْمِ فِيهِ، وَلَيْلٌ سَاهِرٌ لِوُقُوعِ السَّهَرِ فِيهِ، وَهِيَ لَيْلَةٌ يَقَعُ السُّرَى فِي أَوَّلِهَا عِنْدَ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، وَفِي آخِرِهَا كَمَا
رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُقَدِّمُ ضَعْفَةَ أَهْلِهِ فِي هَذِهِ الليل،
وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ الزَّجَّاجُ: قرئ إِذا يَسْرِ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ، ثُمَّ قَالَ: وَحَذْفُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّهَا فَاصِلَةٌ وَالْفَوَاصِلُ تُحْذَفُ مِنْهَا الْيَاءَاتُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهَا الْكَسْرَاتُ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَالْعَرَبُ قَدْ تَحْذِفُ الْيَاءَ وَتَكْتَفِي بِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا، وَأَنْشَدَ:
كَفَّاكَ كَفٌّ مَا يُبْقِي دِرْهَمًا ... جُودًا وَأُخْرَى تُعْطِ بِالسَّيْفِ الْدَّمَا
فَإِذَا جَازَ هَذَا فِي غَيْرِ الفاضلة فَهُوَ فِي الْفَاصِلَةِ أَوْلَى، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ كَانَ الِاخْتِيَارُ أَنْ تُحْذَفَ الْيَاءُ إِذَا كَانَ فِي فَاصِلَةٍ أَوْ قَافِيَةٍ، وَالْحَرْفُ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ، فَوَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ كَمَا أُثْبِتَ سَائِرُ الْحُرُوفِ وَلَمْ يُحْذَفْ؟ أَجَابَ أَبُو عَلِيٍّ فَقَالَ: الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْفَوَاصِلَ وَالْقَوَافِيَ مَوْضِعُ وَقْفٍ وَالْوَقْفُ مَوْضِعُ تَغْيِيرٍ فَلَمَّا كَانَ الْوَقْفُ تَغَيَّرَ فِيهِ الْحُرُوفُ الصَّحِيحَةُ بِالتَّضْعِيفِ وَالْإِسْكَانِ وَرَوْمُ الْحَرَكَةِ فِيهَا غَيَّرَتْ هَذِهِ الْحُرُوفَ الْمُشَابِهَةَ لِلزِّيَادَةِ بِالْحَذْفِ، وَأَمَّا مَنْ أَثْبَتَ الْيَاءَ فِي يَسْرِي فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ فَإِنَّهُ يَقُولُ: الْفِعْلُ لَا يُحْذَفُ مِنْهُ فِي الْوَقْفِ كَمَا يُحْذَفُ فِي الْأَسْمَاءِ نَحْوَ قَاضٍ وَغَازٍ، تَقُولُ: هُوَ يَقْضِي وَأَنَا أَقْضِي فَتَثْبُتُ الْيَاءُ وَلَا تُحْذَفُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ فِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْحِجْرُ الْعَقْلُ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ عَنِ الْوُقُوعِ فِيمَا لَا يَنْبَغِي كَمَا سُمِّيَ عَقْلًا وَنُهْيَةً/ لِأَنَّهُ يَعْقِلُ وَيَمْنَعُ وَحَصَاةً مِنَ الْإِحْصَاءِ وَهُوَ الضَّبْطُ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ إِنَّهُ لَذُو حِجْرٍ إِذَا كَانَ قَاهِرًا لِنَفْسِهِ ضَابِطًا لَهَا كَأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ قَوْلِهِمْ حَجَرْتُ عَلَى الرَّجُلِ، وَعَلَى هَذَا سُمِّيَ الْعَقْلُ حِجْرًا لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنَ الْقَبِيحِ مِنَ الْحَجْرِ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنَ الشَّيْءِ بِالتَّضْيِيقِ فِيهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ اسْتِفْهَامٌ وَالْمُرَادُ مِنْهُ التَّأْكِيدُ كَمَنْ ذَكَرَ حُجَّةً بَاهِرَةً، ثُمَّ قَالَ:
هَلْ فِيمَا ذَكَرْتُهُ حُجَّةٌ؟ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ كَانَ ذَا لُبٍّ عَلِمَ أَنَّ مَا أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِيهِ عَجَائِبُ وَدَلَائِلُ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالرُّبُوبِيَّةِ، فَهُوَ حَقِيقٌ بِأَنْ يُقْسِمَ بِهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى خَالِقِهِ. قَالَ الْقَاضِي: وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا: أَنَّ الْقَسَمَ وَاقِعٌ بِرَبِّ هَذِهِ الْأُمُورِ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْقَسَمِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي الْقَسَمِ لَا تَحْصُلُ إِلَّا فِي الْقَسَمِ بِاللَّهِ، وَلِأَنَّ النَّهْيَ قَدْ وَرَدَ بأن يحلف العاقل بهذه الأمور.

[سورة الفجر (89) : الآيات 6 الى 14]
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (6) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ (10)
الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (14)

(1) في المطبوعة (والليل إذا أسفر) وهي خطأ والصواب ما أثبتناه.
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 31  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست